شُبُهَاتُ النَّاسِ إِزَاءَ القُرْءَانِ

مُنْذُ نَفَخَ رُوحُ اللهِ فِي ءَادَم بَدَأت مَرْحَلَةٌ جَدِيدَةٌ مِنْ مَرَاحِلِ تَوَاجُدِ الإِنْسَانِ عَلَى الأَرْضِ. وَبَدَأ التَّكْلِيفُ، وَبَدَأت صُحُفُ الأَعْمَالِ، وَكَذَلِكَ بَدَأَ تَبَلْوُرِ وَظُهُورِ مُعَسْكَرَيِّ الحَقِّ وَالبَاطِلِ. وَهُمَا (مُعَسْكَرَا الحَقِّ وَالبَاطِلِ) فَرِيقَان مُتَبَايِنَان مُتَضَادَّان. فَإِذَا مَا وُصِفَ أَحَدُهُمَا بِوَصْفٍ مَا، فَقَدْ حَصَلَ الفَرِيقُ الأَخَرُ عَلَى عَكْسِ هَذَا الوَصْفِ دُونَ عَنَاءٍ أَوْ تَفْكِيرٍ. وَمُعَسْكَرُ الحَقِّ وَاحِدٌ دَوْمًا، لَيْسَ لَهُ إِلَّا صِرَاط وَاحِد، وَهُوَ صِرَاط العَزِيز الحَمِيد، وَأصْحَابُهُ لَا يُطِيعُونَ إِلَّا الرَّحْمَن. وَمُعَسْكَرُ البَاطِلِ تَتَعَدَّدُ سُبُلَهُ، وَتَتَشَعَّبُ مَذَاهِبَهُ، وَتَصُبُّ كُلُّهَا فِي أَقْعَادِ الصِرَاطِ المُسْتَقِيم، طَاعَةً لِمَعْبُودِهِم الشَيْطَان.

.لَمْ يَرْضَ كُلُّ أَتْبَاع الشَيْطَان بِكِتَابِ اللهِ العَلِيِّ:

.• فَمِنْهُم مَنْ طَعَنَ فِيهِ مُبَاشَرَةً، مِنْ مُنْطَلَقَيْنِ:

• أُولاَهُمَا عَدَم الاعْتِرَافِ بِاللهِ أَصْلاً، وَهَؤُلاَءِ مَنْ نُسَمِّيهِم بِالمُلْحِدِين. وَهَؤُلاَءِ قَالَ اللهُ لَهُم وَعَنْهُم:

وَقَالُوا۟ مَا هِىَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلَّا ٱلدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَ‌ٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ“.

.• وَالفَرِيقُ الأَخَر كَذَّبَ بِالكِتَابِ مِنْ مُنْطَلَقِ مِلْكِيَّتِهِ لِمَوْرُوثٍ مُكَافِئٍ، أوْ أَحْسَن وَأَهْدَى سَبِيلاً. وَهَؤُلاَءِ قَالَ اللهُ لَهُم وَعَنْهُم:ـ

“قَالُوٓا۟ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ ٱللَّهَ وَحْدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا ۖ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ”.

.• وَمِنْ أَتْبَاعِ الشَيْطَانِ مَنْ لَمْ يَطْعَن فِيِهِ مُبَاشَرَةً، وَلَكِنَّهُم قَالُوا بِعَدَمِ كِفَايَتِهِ، وَزَعَمُوا وُجُودَ مَا يُكَمِّلُهُ مِنْ حَدِيثِ البَشَرِ. وَهَؤُلاَءِ قَالَ اللهُ لَهُم وَعَنْهُم:

تِلْكَ ءَايَـٰتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ ۖ فَبِأَىِّ حَدِيثٍۭ بَعْدَ ٱللَّهِ وَءَايَـٰتِهِۦ يُؤْمِنُونَ“.

أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ فِى ذَ‌ٰلِكَ لَرَحْمَةًۭ وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍۢ يُؤْمِنُونَ“.

مَا كَانَ حَدِيثًۭا يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَىْءٍۢ وَهُدًۭى وَرَحْمَةًۭ لِّقَوْمٍۢ يُؤْمِنُونَ“.

وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ تِبْيَـٰنًۭا لِّكُلِّ شَىْءٍۢ وَهُدًۭى وَرَحْمَةًۭ وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ“.

.وَلَكِنَّ النَّاسَ عَنْ كَلاَمِ اللهِ تَعَالَى مُعْرِضُونَ، وَيَكْتَفُونَ بِقَنَاعَاتِهم السَّطْحِيَّةِ، وَلاَ يَتَدَارَسُونَ القُرْءَانَ لِيَرَوْا نَمُوذَجًا مَحْفُوظًا لِمَا كَانَت عَلَيْهِ الكُتُب السَّابِقَة مِنْ تَوَازُنٍ، وَدَعْوَةٍ لِلرُّقِيِّ، وَتَعْظِيمِ شَأنِ الشَّفَّافِيَّةِ وَالصِّدْقِ، وَالعَطَاءِ، وَالسُّمُوِّ، وَتَعْظِيمِ الصِّلَةِ بَيْنَ المَخْلُوقِ وَالخَالِقِ، وَمَا زَادَ فِيهِ مِنْ رَبْطٍ بَيْنَ ءَايَاتِهِ وَبَيْنَ الكِتَابِ المَنْظُورِ.

5 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
ساجدة لله
ساجدة لله
10 سنوات

iهل بعد ختم القلب رجوع أم أنها النهاية وكيف يكون عذاب الخزى

ehababdo
ehababdo
Reply to  ساجدة لله
10 سنوات

مَرْحَبًا بِالسَّاجِدَةِ للهِ تَعَالَى.

الخَتْمُ هُوَ نِهَايَةُ المَطَافِ فِى الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالعِيَاذُ بِاللهِ. وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الكُفْرِ. قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ البَقَرَةِ: “إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٦﴾ خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰٓ أَبْصَـٰرِهِمْ غِشَـٰوَةٌۭ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌۭ ﴿٧﴾”.

وَالمَخْتُومُ عَلَى قَلْبِهِ مَاتَ وَإنْ عَاشَ. قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ النَّحْلِ: “وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْـًۭٔا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴿٢٠﴾ أَمْوَ‌ٰتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍۢ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴿٢١﴾”.

وَقَالَ بِنَفْسِ السُّورَةِ: “إِنَّمَا يَفْتَرِى ٱلْكَذِبَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِـَٔايَـٰتِ ٱللَّهِ ۖ وَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ ﴿١٠٥﴾ مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعْدِ إِيمَـٰنِهِۦٓ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُۥ مُطْمَئِنٌّۢ بِٱلْإِيمَـٰنِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلْكُفْرِ صَدْرًۭا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌۭ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌۭ ﴿١٠٦﴾ ذَ‌ٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسْتَحَبُّوا۟ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلْءَاخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْكَـٰفِرِينَ ﴿١٠٧﴾ أُو۟لَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَـٰرِهِمْ ۖ وَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْغَـٰفِلُونَ ﴿١٠٨﴾ لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِى ٱلْءَاخِرَةِ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ ﴿١٠٩﴾”.

عمر
عمر
10 سنوات

أنت تكتب ما يريح القلب جزاك الله كل خير

ehababdo
ehababdo
Reply to  عمر
10 سنوات

بَارَكَ اللهُ فِيِكَ أَخِى عُمَر. الخَيْرُ فِيِكَ أَنْتَ.

عبد الغني عليوي
عبد الغني عليوي
9 سنوات

جزاك الله خيرا تحليل منطقي يلامس القلب والعقل