شَحْرُورٌ. أَخْطَآءٌ فِى العَبْدِ وَالعَبِيِدِ 2

.
النَّاسُ فِى الأَخِرَةِ لَيْسُوا عَبِيِدًا، وَإِنَّمَا عِبَادٌ، وَعَبِيِدٌ.
وَالفَيْصَلُ هٌوَ الكَسْبُ.
وَالمُدَقِّقُ فِى الأَيَاتِ الَّتِى جَآءَ بِهَا ذِكْرُ العَبِيِدِ، سَيَجِدُ أَنَّ لَفْظَ “عَبِيِد” يُعْطِيِكَ الإِيِحَآءَ بِتَدَنِّى مَوْقِعِ أَصْحَابِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؛ فَالعَبِيِدُ هِىَ كَلِمَةٌ جَآءَت خَمْس مَرَّاتٍ بِكِتَابِ اللهِ لِتَتَنَاوَلَ المُجْرِمِيِنَ وَالأَثِمِيِنَ مِنْ رُؤُوسِ الكُفْرِ، وَدُعَاةِ التَّبْدِيِلِ، وَمُضِلِّى النَّاسِ، وَلِذَا؛ فَهُم أَصْحَابُ الدَركِ الأَسْفَلِ مِنْ جَهَنَّمَ وَالعِيَاذُ بِاللهِ، واخْتُصُّوا بِعَذَابٍ مُخْتَلِفٍ عَنْ غَيْرِهِم، وَهُوَ عَذَابُ الحَرِيِقِ.

.
● يَقُولُ تَعَالَى فِى المَوْضِعِ الأَوَّلِ:
لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓا۟ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌۭ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا۟ وَقَتْلَهُمُ ٱلْأَنۢبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّۢ وَنَقُولُ ذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ﴿١٨١﴾ ذَ‌ٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍۢ لِّلْعَبِيدِ ﴿١٨٢﴾ءَال عِمْرَان.
فَهَذِهِ الفِئَةُ مِنَ الجُرَءَآءِ عَلَى اللهِ تَعَالَى نَسَبُوا إِلَى اللهِ تَعَالَى الفَقْرَ، وَقَتَلُوا الأَنْبِيَآءَ، وَمِنْ ثَمَّ فَسَيَذُوقُوا عَذَابَ الحَريِقِ، اسْتِحْقَاقًا، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: “ذَ‌ٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍۢ لِّلْعَبِيدِ”.

.
● وَيَقُولُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ فِى المَوْضِعِ الثَّانِى:
وَلَوْ تَرَىٰٓ إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ۙ ٱلْمَلَـٰٓئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَـٰرَهُمْ وَذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ﴿٥٠﴾ ذَ‌ٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّـٰمٍۢ لِّلْعَبِيدِ ﴿٥١﴾الأَنْفَال.
فَنَجِدُ أَنَّهُم كُفَّارٌ، وَأَنَّهُم أَيْضًا سَيَذُوقُوا عَذَابَ الحَريِقِ، اسْتِحْقَاقًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيِهِم.

.
● وَيَقُولُ سُبْحَانَهُ فِى المَوْضِعِ الثَّالِثِ:
وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَـٰدِلُ فِى ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍۢ وَلَا هُدًۭى وَلَا كِتَـٰبٍۢ مُّنِيرٍۢ ﴿٨﴾ ثَانِىَ عِطْفِهِۦ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۖ لَهُۥ فِى ٱلدُّنْيَا خِزْىٌۭ ۖ وَنُذِيقُهُۥ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ﴿٩﴾ ذَ‌ٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّـٰمٍۢ لِّلْعَبِيدِ ﴿١٠﴾الحَجّ.
فَهَذَا صَنْفٌ تَمَيَّزَ بِإِضْلاَلِهِ لِلنَّاسِ بِثَنْىِ العِطْفِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيِلِ اللهِ، فَتَشَارَكَ مَعَ إِبْلِيِسَ فِى أقْعَادِ الصِرَاطِ المُسْتَقِيِمِ، وَلِذَا سَمَّاهُ اللهُ بِالعَبِيِدِ، وَتَوَعَّدَهُ بِعَذَابِ الحَرِيِقِ.

.
● وَيَقُولُ سُبْحَانَهُ فِى المَوْضِعِ الرَّابِعِ:
وَلَوْ جَعَلْنَـٰهُ قُرْءَانًا أَعْجَمِيًّۭا لَّقَالُوا۟ لَوْلَا فُصِّلَتْ ءَايَـٰتُهُۥٓ ۖ ءَا۬عْجَمِىٌّۭ وَعَرَبِىٌّۭ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ هُدًۭى وَشِفَآءٌۭ ۖ وَٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِىٓ ءَاذَانِهِمْ وَقْرٌۭ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍۭ بَعِيدٍۢ ﴿٤٤﴾ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَـٰبَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ ۗ وَلَوْلَا كَلِمَةٌۭ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَفِى شَكٍّۢ مِّنْهُ مُرِيبٍۢ ﴿٤٥﴾ مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحًۭا فَلِنَفْسِهِۦ ۖ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍۢ لِّلْعَبِيدِ ﴿٤٦﴾فُصِّلَت.
فَنَجِدُ أَنَّنَا أَمَامَ الَّذِيِنَ لاَ يُؤْمِنُونَ لاَ بِاللهِ وَلاَ بِالقُرْءَانِ، وَيُجَادِلُونَ فِيِهِ، حَتَّى صَارَ عَلَيْهِم عَمًى، وَلِذَا فَقَدْ وَصَفَهُم اللهُ بِأَنَّهُم مِنَ العَبِيِدِ.

.
● وَأَخِيِرًا فَيَقُولُ سُبْحَانَهُ فِى المَوْضِعِ الخَامِسِ وَالأَخِيِرِ:
أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍۢ ﴿٢٤﴾ مَّنَّاعٍۢ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍۢ مُّرِيبٍ ﴿٢٥﴾ ٱلَّذِى جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِى ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ ﴿٢٦﴾ ۞ قَالَ قَرِينُهُۥ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُۥ وَلَـٰكِن كَانَ فِى ضَلَـٰلٍۭ بَعِيدٍۢ ﴿٢٧﴾ قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا۟ لَدَىَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ ﴿٢٨﴾ مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَىَّ وَمَآ أَنَا۠ بِظَلَّـٰمٍۢ لِّلْعَبِيدِ ﴿٢٩﴾ق.
فَالكَلاَمُ هُنَا عَلَى الكَفَّارِ العَنِيِدِ، وَقَدْ وَصَفَ اللهُ عَذَابَهُ بِالشَّدِيِدِ، لاَ سِيَّمَا أَنَّ اللهَ قَدْ حَذَّرَهُ فِى حَيَاتِهِ مِنْ هَذَا العَذَابِ.

هَذِهِ هِىَ كُلُّ مَوَارِدِ العَبِيِدِ فِى القُرْءَانِ!!!
فَأَيْنَ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهَا سَتَكُونُ عَبِيِدًا يَوْمَ القِيَامَةِ، وَكَانُوا عِبَادًا فِى الدُّنْيَا فَقَطْ، وَأَنَّهُم سَيَعُودُونَ عِبَادًا بَعْد دُخُولِ الجَنَّةِ، بَعْدَ أَنْ كَانُوا عَبِيِدًا وَقْتَ الحِسَابِ فَقَطْ؟!!
وَاللهِ إِنِّى لأَتَعَجَّبُ مِنْ هَذَا الشَحْرُورِ وَمِنْ جَرَاءَتِهِ عَلَى نُصُوصِ الأَيَاتِ!!

اَلِهَذِهِ الدَّرَجَةِتَظُنُّ أَنَّ الكَلاَمَ فِى كِـتَابِ اللهِ هَيِّنٌ، وَأَنَّ الافْتِئَاتَ عَلَيْهِ بَسِيِطٌ؟!!
وَلِلحَدِيِثِ بَقِيَّةٌ .
.

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x