سَمِيِر إِبْرَاهِيِم خَلِيِل حَسَن/ قَوْلُهُ بِعُرِيِّ المَرْأَةِ تَمَامًا 4

إلاَّ أنَّ مَا سَبَقَ ذِكْرَهُ مِنْ هَيْئَةٍ عِنْدَ الخُرُوجِ يَشُقُّ عَلَى المَرْأَةِ فِى حَيَاتِهَا دَاخِلَ بَيْتِهَا، حَيْثُ يَلْزَمُ أنْ تَتَخَفَّفَ مِنْ ثِيَابِهَا، لِطَبِيِعَةِ قَضَاءِ الحَوَائِجِ فِى البَيْتِ، مِنْ طَبْخٍ، إلَى تَنْظِيِفٍ، إلَى تَنْظِيِفِ المَلاَبِسِ، إلَى العِنَايَةِ بِالأَطْفَالِ، وَمَا شَابَه، بِالإِضَافَةِ إِلَى حَرَارَةِ الجَوِّ، مَا يُؤَدِّى إلَى ظُهُورِ بَعْضَ الزِّيِنَةِ بِخِلاَفِ مَا لاَ بُدَّ مِنْ إظْهَارِهِ عِنْدَ الخُرُوجِ، بِنَفْسِ الوَقْتِ الَّذِى هِىَ فِيِهِ عُرْضَةً لِدُخُولِ أحْدٍ مِنَ الأَقَارِبِ عَلَيْهَا وَهِىَ فِى هَذِهِ الحَالَة، وَمِنْ هُنَا فَقَدْ جَاءَت الأَيَةُ لِتُحَدِّدَ أصْنَافَ الَّذِيِنَ يُمْكِنُ لِلمُؤْمِنَةِ أنْ تُظْهَرَ أمَامَهُم بِهَذِهِ الزِّيِنَةِ، بِلاَ حَرَجٍ عَلَيْهَا أوْ عَلَيْهِم، فَقَالَ مَنْ لَهُ وَحْدَهُ أسْجُدُ:

…وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖوَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ…﴿٣١﴾النُّور.

إِذًا فَالمُؤْمِنَةُ ــ طِبْقًا لِنَصِّ الأَيَةِ ــ يُمْكِنُهَا أنْ تَسْتَقْبِلَ فِى بَيْتِهَا حَالَ تَخَفُّفِهَا مِنْ ثِيَابِهَا (..وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا..) الأَصْنَافَ الأَتِيَةَ:

1 ـ بَعْلُهَا لِبُعُولَتِهِنَّ“: وَالبَعْلُ هُوَ مَنْ انْفَصَلَ (جِنْسِيًّا) عَنْ زَوْجِهِ، لِعِلَّتَىِّ الطَّلاَقِ، أَوْ الشَيْخُوخَةِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى:

…وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِى ذَ‌ٰلِكَ إِنْ أَرَادُوٓا إِصْلَـٰحًا ۚ…﴿٢٢٨﴾البَقَرَة.

قَالَتْ يَـٰوَيْلَتَىٰٓ ءَأَلِدُ وَأَنَا۠ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِى شَيْخًا ۖ…﴿٧٢﴾هُود.

وَتَلْحَقُ بِهِمَا عِلَّةُ المَرَضِ.

2 ـ الأَبَآءُ (أَوْ آبَائِهِنَّ): وَيَشْمَلُ ذَلِكَ الأَبُّ وَالأُمُّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:

وَأَمَّا ٱلْغُلَـٰمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ…﴿٨٠﴾الكَهْف.

3 ـ ءَابَآءُ البُعُولِ (أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ): وَيَشْمَلُ ذَلِكَ أَبُّ وَأُمُّ البَعْلِ، عَلَى التَفْصِيِلِ السَّابِقِ.

4 ـ أبْنَائِهِنَّ (أَوْ أَبْنَائِهِنَّ).

5 ـ أَبْنَاءُ بُعُولَتِهِنَّ (أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ): وَيَشْمَلُ كُلَّ أبْنَاءِ البَعْلِ، عَلَى التَفْصِيِلِ السَّابِقِ.

6 ـ إخْوَانِهِنَّ (أَوْ إِخْوَانِهِنَّ).

7 ـ بَنُو إخْوَانِهِنَّ (أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ).

8 ـ بَنُو أَخَوَاتِهِنَّ (أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ): وَلَمْ يَذْكُرَ الأخَوَاتِ لِبَدَاهِة الاشْتِبَاكِ الحَادِثِ مُنْذُ الصِغَرِ.

9 ـ نِسَائِهِنَّ (أَوْ نِسَائِهِنَّ): وَسَبَقَ ذِكْرَهُم بِالتَّفْصِيِلِ فِى تَعْرِيِفِ النِّسَآءِ.

10 ـ مَا مَلَكَت يَمِيِنُهَا (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ): مِنَ الذُّكُورِ أوْ الإنَاثِ الَّذِيِنَ يَدْخُلُونَ البَيْتَ لِلخِدْمَةِ أوْ مَا شَابَه.

11 ـ التَّابِعِيِنَ غَيْرِ أُولِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ): وَهُمْ مَنْ فَقَدُوا الإرَبَ فِى النِّسَاءِ، إذْ الإرْبُ هُوَ المَطْلَبُ والانْتِفَاعُ:”..وَلِىَ فِيهَا مَـَٔارِبُ أُخْرَىٰ ﴿١٨﴾طَهَ.

12 ـ الطِّفْلُ الَّذِيِنَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ): وَلاَ يَحْتَاجُ الأَمْرَ فِى ذَلِكَ إلَى تَفْصِيِلٍ.

فَهُؤُلاَءِ اثْنَا عَشَرَ صَنْفًا (1)، أتَاحَ اللهُ لِلمَرْأَةِ المُؤْمِنَةِ أنْ تُخَالِطَهُم وَهِىَ بِمَلاَبِسِ البَيْتِ دُونَ أدْنَى حَرَجٍ. وَمَلاَبِسُ البَيْتِ عَادَةً مَا تُظْهِرُ بَعْضًا مِنَ الجُيُوبِ السَّابِقِ ذِكْرُهَا، كَأنْ يَظْهَرَ جُزْءٌ مِنَ الرِّجْلِ، أوْ مِنَ الذِّرَاعِ، َاوْ مِن فَتْحَةِ الصَدْرِ، أوْ مَا شَابَه.

وَلأَنَّنَا فِى رِحَابِ سُورَةِ النُّورِ وَما فِيِهَا مِنْ فُيُوضٍ، فَلاَبُدَّ وَأَنْ نَنْتَبِهَ إِلَى أَنَّ التَّخْفِيِفَ مِنَ الثِّيَابِ لاَ يَعْنِى التَّبَرُّجُ بِزِيِنَةٍ. وَهَذَا مَا كَانَت الأَيَاتُ دَقِيِقَةً فِى بَيَانِهِ، حَتَّى لاَ يُفْهَمُ مِنَ السِّيَاقِ إِبَاحَةَ كَشْفِ زِيِنَةٍ مِنَ الزِيِنَةِ الخَفِيَّةِ كَالأَفْخَاذِ، أَوْ النُّهُودِ، وَمَا شَابَه، حَتَّى أَنَّ اللهَ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ نَصَّ عَلَيْهِ فِى حَقِّ القَوَاعِدِ مِنَ النِّسَآءِ الَّلاتِى لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا، وَفِيِه:

وَٱلْقَوَ‌ٰعِدُ  مِنَ  ٱلنِّسَآءِ  ٱلَّـٰتِى  لَا يَرْجُونَ   نِكَاحًا  فَلَيْسَ  عَلَيْهِنَّ  جُنَاحٌ   أَن  يَضَعْنَ   ثِيَابَهُنَّ   غَيْرَ  مُتَبَرِّجَـٰتٍ   بِزِينَةٍۢ ۖ  وَأَن   يَسْتَعْفِفْنَ   خَيْرٌ   لَّهُنَّ ۗ   وَٱللَّهُ   سَمِيعٌ   عَلِيمٌ   ﴿٦٠﴾التَّوْبَة.

فَالتَخْفِيِفُ مِنَ المَلاَبِسِ، لاَ يُخَوِّلُ لِلقَوَاعِدِ مِنَ النِّسَآءِ، أنْ يَتَبَرَّجْنَ بِزِيِنَةٍ، سَوَاءٌ كَانَت زِيِنَةً بِنْيَوِيَّةً، أَوْ زِيِنَةً طَارِئَةً.فَمَا بَالُنَا بَالَّواتِى يَرْجُونَ نِكَاحًا، وَلَسْنَ مِنَ القَوَاعِدِ؟!!

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: “غَيْرَ مُتَبَرِّجَـٰتٍ بِزِينَةٍۢ“، يَسُوقُنَا إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى لِنِسَآءِ النَّبِىِّ بِسُورَةِ الأَحْزَابِ:

وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلْأُولَىٰ ۖ…﴿٣٣﴾الأَحْزَاب.

فَتَبَرُّجُ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى كَانَ عَلَى عَكْسِ مَاأَمَرَ اللهُ بِهِ، مِنْ ضَرْبِ الخُمُرِ عَلَى الجُيُوبِ، فَكَانَت الزِّيِنَةُ يَظْهَرُ مِنْهَا لِلجَمِيِعِ، مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الَكَثِيِرُ مِنْ المَفَاسِدِ، كَإثَارَةُ الشَهَوَاتِ؛ وَوُلُوجِ مُقَدِّمَاتِ الزِّنَا؛ فَجَاءَت ءَايَاتُ الكِتَابِ لِتُنَظِّمَ هَذِهِ المَسْألَةِ، وَتَضَعُ مِنَ الحُدُودِ مَا يَمْنَعُ تَسَلُّلِ هَذِهِ المَفَاسِدِ إلَى المُجْتَمَعِ المُسْلِمِ، وَلَكَنْ بِمَا لاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إنْشَاءُ مَفَاسِدٍ جَدِيِدَةٍ كَالَّتِى ذَكَرْتُ بَعْضُهَا عِنْدَ تَنَاوُلِ تَغْطِيَةِ الوَجْهِ.

وَبِرَغْمِ كُلِّ مَا جَآءَ بِالأَيَاتِ مِنْ وُضُوحٍ، وَدِقَّةٍ، وَنُورٍ، وَعِفَّةٍ، وَصَلاَحِ حَالٍ، وَاسْتِقَامَةٍ، وَتَقْوِيِمٍ، وَإِحْكَامٍ، إِلاَّ أَنَّ شَيَاطِيِنَ الإِنْسِ كَانَ لَهُمْ رَأَيًا ءَاخَرَ.

فَبِرَغْمِ كُلِّ مَا نَقْلْنَاهُ فِى الأَرْبَعِ مَقَالاَتِ مِنْ بَيَانٍ مِنْ رَبِّ العَالَمِيِنَ لِحُدُودِهِ لِلمَرْأَةِ، لِحِفْظِهَا، وَلِكَىِّ تُحْصَنُ بِشَرْعِ اللهِ وَاتِّبَاعِهَا لَهُ، فَقَدْ جَآءَ الأَعْرَابِىُّ الجَاهِلُ سَمِيِر إِبْرَاهِيِم خَلِيِل حَسَن، وَتَعَامَى عَنْ كُلِّ ذَلِكَ، وَقَالَ:

إِنَّ الأَيَاتِ شَرَعَت لِلمُؤْمِنَةِ أَنْ تَظْهَرَ أَمَامَ الإِثْنَا عَشَرَ صَنْفًا عَارِيَةً تَمَامًا، بَلْ وَأَمَامَ جَمِيِع المُؤْمِنِيِنَ، بِلاَ وَرَقَةِ كِلِيِنِكسٍ حَتَّى، وَكُلُّ المَطْلُوبِ مِنْهَا وَهِى جَالِسَةً مَعَهُم هُوَ أَلاَّ تُبَاعِدَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا لِتُظْهِرَ فَرْجَهَا!!!

قَارِنُوا قَوْلَهُ ذَلِكَ، بِكُلِّ مَا سُقْتُهُ بِالمَقَالاَتِ الأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ، وَبِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى:

ٱلْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًۭا وَنِفَاقًۭا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا۟ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌۭ   ﴿٩٧﴾التَّوْبَة.

تَعْلَمُوا سَبَبَ قَوْلِى بِأَنَّهُ أَعْرَابِىٌّ، فَهُوَ فِعْلاً لاَ يَعْلَمُ حُدُودَ اللهِ، وَلَيْسَ كَمَا كَالَ لِىَ السِّبَابَ عِنْدَمَا نَصْحْتُهُ. بَلْ لأَنَّهُ قَالَ بِمَا لَمْ يَقُل بِهِ أَىُ شَيْطَانٍ سَبَقَهُ. وَلَوْ تَوَقَّفَ الأَمْرُ عِنْدَ هَذِهِ فَقَطْ لَقُلْتَ زَلَّة، وَخَطَأً، وَلَكِنَّهَا سِيِرَتَهُ وَمَسِيِرَتَهُ، وَعَاتِقٌ أَخَذَ عَلَيْهِ تَشْوِيِه حُدُود اللهِ، فَدَعَا إِلَى إِنْشَآءِ بُيُوتٍ لِلدِّعَارَةِ، وَتَحْلِيِل لَحْمِ الخِنْزِيِر، وَجَعْل البَيْتَ الأَبْيَضَ الأَمْرِيِكِىِّ هُوَ البَيْتُ الحَرَامِ، الخ الخ. وسَيَأَتِى عَرْضٌ لِكُلِّ ذَلِكَ، مَعَ تَحْطِيِمِهِ هُنَا.

وَلِلِحَدِيِثِ بَقِيَّةٌ .

هَامِش:ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ لَمْ يَذْكُر اللهُ تَعَالَى الأُخْتَ فِيِمَنْ ذَكَر، وَأَرَى أنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ لِبَدَاهَةِ الأَمْر، حَيْثُ تَتَبَوَّأُ الاخْتُ مَكَانَةً لاَ يُضَاهِيِهَا فِى القُرْبِ مَكَانَةً فِى مَسْأَلَةِ ظُهُورِ بَعْضِ الزِّيِنَةِ، إِمَّا لِلقُرْبِ النَّفْسِىِّ، أوْ المَادِّىِّ، أوْ لِعَوَامِلِ التَمَاثُلِ الوَاقِعِ بِيْنَهُمَا، وَأَخِيِرًا لِعَوَامِل النَّشْأةِ المُشْتَرَكَةِ غَالِبًا.

.

تَحَرَّرَ فِى لَيْلِ يَوْمِ الجُمْعَةِ 14/11/2014 سعة 1.31 ص

التَّعْلِيَقَاتُ مَفْتُوحَةٌ فِى المَقَالِ الأَخِيِر بَعْد اكْتِمَالِ المَوْضُوعِ

المَقَالُ السَّابِقُ

المَقَالُ التَّالِى: تَحْتُ الإِنْشَآء