جَهْلُ سَمِيِر إِبْرَاهِيِم خَلِيِل حَسَن بِمَعَانِى الكَلاَمِ 4 – كَلِمَة: الدِّيِن 1

◄ تَعَرَّضَ سَمِيِر إِبْرَاهِيِم خَلِيِل حَسَن لِلأَيَةِ:

۞ وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَآفَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍۢ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِى ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوٓا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴿١٢٢﴾التَّوْبَةُ.

وَسَمِيِر ــ كَمَا عَرِفْنَاهُ مِنَ التَّحْلِيِلاَتِ السَّابِقَةِ ــ يَتَمَتَّعُ بِجَهْلٍ مُنْقَطِعِ النَّظِيِرِ، وَلِذَا فَقَدْ قَالَ فِى كَارِثَتِهِ المُسَمَّاةُ بِمِنْهَاجِ العُلُومِ:

ننظر فى ٱلبلاغ ٱلذى يبيّن لنا ٱلّذين يتفقهون فى ٱلدين:

“فلولا نَفرَ من كُلِّ فرقةٍ مِّنهم طآئفة لِّيتفقهواْ فى ٱلدِّين ولينذرواْ قومهم إذا رجعوۤاْ إليهم لعلَّهم يحذرون” 122 ٱلتوبة .

فيه أنَّ ٱلفقيه فى ٱلدين ينذر من يرجع إليه. وهو غير مكلَّف بإصدار ٱلأحكام على ٱلناس كأحكام “ٱلتكفير وهدر ٱلدم” ٱلتى يصدرها ٱلكهنوت. ولا يغيب عن ذكر ٱلفقيه ٱلنهى ٱلتالى:

“لاۤ إكراه فِى ٱلدِّين قد تبيَّن ٱلرِّشدُ من ٱلغِىِّ” 256 ٱلبقرة.

ٱلفقيه فى ٱلدين يدرك أنَّه لا يمثل سلطة إكراه. ويحصر قوله فى ٱلإنذار للذين يرجعون إليه” اهـ.

.

فَسَمِيِر يَقُولُ بِجَهْلٍ؛ أَنَّ الأَيَةَ تَتَكَلَّمُ عَنْ طَائِفَةٍ يَتَفَقَّهُونَ فِى المَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ لِلدِّيِنِ الإِسْلاَمِى!!!

وَمِنْ ثَمَّ؛ فَقَدْ بَنَى كَلاَمَهُ عَنِ كَوْنِ الفَقِيِهِ يُنْذِرُ فَقَط مَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ لِيَسأَلَهُ فِى المَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ، وَلاَ يُصْدِرُ أَحْكَامًا بِالتَّكْفِيِرِ كَمَا يَفْعَلُ فُقَهَآءُ المَذَاهِبِ الأَنَ!!!!

وَلَكُم أَنْ تَتَخَيَّلُوا مَعِيَ أَرْتَالَ الجَيْشِ وَهِيَ سَائِرَةٌ فِي صَحَرَآءِ الجَزِيِرَةِ، وَالخُيُولَ وَالجِمَالَ وَالحَمِيرَ تُثِيرُ العُفَارَ مِنَ الأَرْضِ، وَالشَّمْسَ الحَارِقَةَ تَبُثُّ لَهِيبَهَا لِلأَرْضِ، وَالمُقَاتِلِيِنَ يَتَغَنّونَ بِأَرَاجِيزِ القِتَالِ أَوْ يَتْلُوَ مِنْهُم مَنْ يَتْلُو ءَايَاتِ الكِتَابِ، وَمِنْهُم مَنْ يَأكُلُ رَاكِبًا أَوْ يَروِي عَطَشَهُ، وَمِنْهُم مَنْ يُرَاجِعُ سِلاَحَهُ، وَالرَّسُولُ يَتَقَاسَمُ الخِطَطَ مَعَ قَادَتِهِ، وَيُنَاقِشُ اقْتِرَاحَاتِهِم، وَيُرَاجِعُهَا مَعَهُم، وَيَطْمَئِنُّ عَلَي المُؤَنِ، وَالأَمَاكِنَ الَّتِي سَيَعْرُجُونَ عَلَيْهَا فِي الطَّرِيِقِ لِلمَدَدِ بِالمَآءِ . . . وَفِي وَسَطِ كُلِّ هَذَا فَإِنَّ دِمَاغَ الخُشْخَاشِ تَتَوَهَّمُ دُرُوسًا دِينِيَّةً، وَمُنَاقَشَاتٍ فِي القُرْءَانِ، وَأسْئِلَةً وَأَجْوِبَةً، وَتَصْنِيعًا لِلفُقُهُآءِ الدِّينِيِّين . . . !!

العَاقِلُ يَقُولُ إِنَّ جَوَّ المَعْرَكَةِ يُهَيْمِنُ عَلَي الرِّحْلَةِ، وَلَيْسَ بِمَقَامِ عِلْمٍ وَتَفَقُّهٍ فِي كِتَابِ اللهِ.

وَالجَاهِلُ المُضْحِكُ يَقُولُ بِأَنَّ الخُرُوجَ فِي مَعْرَكَةٍ سَيُعِيدُ غَيْرَ الفَقِيهِ فِي كِتَابِ اللهِ فَقِيهًا فِيهِ، وَأَنَّ الرَّسُولَ سَيَقُولُ لَهُم أَثْنَآءَ المَعْرَكَةِ مَالَم يَقُلْهُ قَبْلَهَا!!

وَلِكَىّ نَكُونَ أَكْثَرَ إِيِجَابِيَّةً فَسَنُعَلِّمَهُ هُنَا المَعْنَي الصَّحِيحَ لِلأَيَةِ، عَلَّهُ يَتَعَلَّمَ كَيْفَ يَكُونُ البَحْثُ أَوَّلاً، وَثَانِيًا لِيَعْرِفَ مَعْنَى الأَيَةِ الَّتِى تَكَلَّمَ فِيِهَا وَكَأَنَّهُ عَالِمٌ بِهَا:

وَسَأَقُومُ ــ بِدَايَةً ــ بِتَحْلِيِل المُفْرَدَاتِ الهَامَّةِ بِالأَيَةِ:

1 ــ المُفْرَدَةُ: نَفْر.

2 ــ المُفْرَدَةُ: فِقْه.

3 ــ المُفْرَدَةُ: دِيِن.

4 ــ المُفْرَدَةُ: حَذْر.

5 ــ المُفْرَدَةُ: نَذْر. وَلْنَبْدَأ:

.

1 ــ المُفْرَدَةُ: نَفْر:

جَآءَت كَلِمَةُ نَفْر ــ بِخِلَافِ الأَيَةِ الَّتِي نُنَاقِشُهَا هُنَا ــ بِمُشْتَقَّاتِهَا سِتَّةَ مَرَّاتٍ بِخَمْسِ ءَايَاتٍ كَالتَّالِي:

الأَيَةُ الأُولَى:يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُوا جَمِيعًا ﴿٧١﴾النِّسَآء.

الأَيَةُ الثَّانِيَةُ:يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُوا فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلْءَاخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَـٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا فِى ٱلْءَاخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴿٣٨﴾التَّوْبَةُ.

الأَيَةُ الثَّالِثَةُ:إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْـًٔا ۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌ ﴿٣٩﴾التَّوْبَةُ.

الأَيَةُ الرَّابِعَةُ:ٱنفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَـٰهِدُوا بِأَمْوَ‌ٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ ذَ‌ٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٤١﴾التَّوْبَةُ.

الأَيَةُ الخَامِسَةُ:فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَـٰفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوٓا أَن يُجَـٰهِدُوا بِأَمْوَ‌ٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِى ٱلْحَرِّ ۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ۚ لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ﴿٨١﴾التَّوْبَةُ.

وَوَاضِحٌ جِدًّا أَنَّ النَّفْرَ هُوَ فِعْلُ هَبٍّ وَتَعْبِئَةٍ خاصٌّ بِالقِتَالِ. وِلِزِيَادَةِ تَأكِيِدٍ سَنَتَعَمَّقُ فِى الأَيَاتِ:

فَأَمَّا الأَيَةُ الأُولَي فَقَدْ أَعْقَبَهَا سُبْحَانَهُ بِالأَيَاتِ التَّالِيَةِ:

۞ فَلْيُقَـٰتِلْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشْرُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلْءَاخِرَةِ ۚ وَمَن يُقَـٰتِلْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٧٤﴾ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلْوِلْدَ‌ٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهْلُهَا وَٱجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَٱجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ﴿٧٥﴾ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوا يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱلطَّـٰغُوتِ فَقَـٰتِلُوٓا أَوْلِيَآءَ ٱلشَّيْطَـٰنِ ۖ إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَـٰنِ كَانَ ضَعِيفًا ﴿٧٦﴾النِّسَآء.

فَنَجِدُ أَنَّ الأَيَاتِ قَدْ نَصَّت عَلَى القِتَالِ وَالقَتْلِ سَبْعَةُ مَرَّاتٍ، مَا يُوَضِّحُ أَنَّ النَّفْرَ بِالَأَيَةِ هُوَ ــ كَمَا قُلْنَا ــ فِعْلٌ خَاصٌّ بِالخُرُوجِ لِلقِتَالِ.

وَأَمَّا الأَيَاتُ 38، 39، 41 مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ فَتَدُورُ كُلُّهَا عَلَي النَّفْرِ لِلقِتَالِ.

وَأَخِيرًا فَإِنَّ الأَيَةَ 81 مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ فَتَدُورُ أَيْضًا عَلَي النَّفْرِ لِلقِتَال.

إذًا فَفِعْلُ النَّفْرِ هُوَ فِعْلُ خُرُوجٍ خَاصٍّ بِالقِتَالِ حَيْثُ فِيِهِ الاسْتِعْدَادُ وَالتَّجْهِيزُ لِلقِتَالِ، وَهُوَ مَا يَعْنِي فِي أَيَّامِنَا التَّعْبِئَةَ.

وَبِالتَّالِي فَإِنَّ قَوْلَ اللهِ تَعَالَي “وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَآفَّةً ۚ” هُوَ تَوْجِيهٌ رَبَّانِيٌّ لِلمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ سَيَخْرُجُونَ بِاسْتِعْدَادِهِم القِتَالِيّ إِلَي المَعْرَكَةِ، لَا لِلَّذِينَ يَتَوَهَّمُ المُتَعَالِمُونَ أَنَّهُم سَيَذْهَبُونَ لِيَحْضَرُوا دُرُوسَ فِقْهٍ فِي القُرْءَانِ.

وَلَقَدْ كَانَت هَذِهِ النُّقْطَةِ وَحْدَهَا كَافِيَةً لِيَتَذَكَّرَ مَنْ يَتَذَكَّر قَبْلَ الخَوْضِ فِي كِتَابِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى، وَلَكِنَّ التَّعَالُمَ يُعْمِي صَاحِبَهُ كَمَا رَأَيْنَا هُنَا، وَسَنَرَى فِى السُّطُورِ القَادِمَةِ.

.

وَلِلحَدِيِثِ بَقِيَّةٌ نَعْرِفُ فِيِهَا المَعْنَى الكَامِلِ لِلأَيَةِ .

.

تَحَرَّرَ فِى صَبَاحِ يَوْمِ الأَحَدِ24/5/2015 سعة 5.23 ص

التَّعْلِيَقَاتُ مَفْتُوحَةٌ فِى المَقَالِ الأَخِيِر بَعْد اكْتِمَالِ المَوْضُوعِ

المَقَالُ السَّابِقُ: لاَيُوجَد

المَقَالُ التَّالِى