رَأى ـ رَأَى ـ رَءَا


 

الفِعْلُ: “يَرَى” مِنَ الـ: “رَ أ ى”، وَأَصْلُهُ مِنَ النُّورِ، الَّذِى يُجْلِىَ الأَشْيَآءَ، فَتَرَاهُ العَيْنُ، وَنُورِ العِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ الَّذِى يُجْلِى الفِكْرَ فَيَرَاهُ القَلْبُ، وَمِنْهُ:

.

أَرِنِي/ يَرَ/ يَرَى/ يَرَوْا/ تَرَ/ تَرَى/ نَرَى/ نُرِىَ/ نُرِىٓ/يَرَوْنَ/ يَرَوْنَهُم/ تَرَوْنَهُمْ/ رَءَا/ رَءَآ/ رَأَىٰٓ/ رَأَوُاْ/ تَرَى/ رَأَيْت/ رَأَيْتُمُوه/ يُرِيهِمُ/ يُرِيكُمُ/ يُرِيكُمُوهُمْ/ سَيُرِيكُمْ/ أَرِنَا/ أَرَىٰنِىٓ/ أَرَىٰكَ/ أَرَىٰكُم/ أَرَىٰكَهُمْ/ لِيُرِيَهُ/ أَرَءَيْتَ/ أَرَءَيْتُمْ/ أَرَءَيْتَكُمْ/ لِيُرِيَهُمَا/ يَرَىٰكُمْ/ نَرَىٰكَ/ تَرَىٰنِى/ يُرِيكَهُمُ/ أَرَىٰكَهُمْ/ تَرَآءَتِ/ تَرَوْهَا/ يَرَاكُم/ نُرِيَنَّك/

.

وَغَيْرَ ذَلِكَ الكَثِيِرُ مِن مُشْتَقَّاتِ الكَلِمَةِ، وَتَأتِى الرُّؤْيَةُ فِيِهَا كَثِيِرًا لِلعَيْنِ فَقَطْ، كَمَا تَأَتِى لِلقَلْبِ فِى اليَقَظَةِ وَالمَنَامِ، وَالفِعْلُ “يَرَى” هُوَ أَيْضًا مِنْ أَفْعَالِ العَيْنِ، وَلَيْسَ خَاصًّا بِالقَلْبِ فَقَط. وَهُوَ وَاضِحٌ بِالكَثِيِرِ مِنَ الأَيَاتِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:

فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلَّيْلُ رَءَا كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَـٰذَا رَبِّى ۖ فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَآ أُحِبُّ ٱلْءَافِلِينَ ﴿٧٦﴾الأَنْعَام.

فَالرُّؤْيَةُ هُنَا لِلكَوْكَبِ كَانَت بِالعَيْنِ، وَسَاَعَدَتْهَا عَلَى الرُّؤْيَةِ جُنَّةُ الَّيْلِ. وَهُوَ وَاضِحٌ فِى الأَيَةِ وَتَرْكِيِبِهَا، بَعِيِدًا عَنْ لَغْوِ القُرْءَانِيِّيِن المُعَاصِرِيِنَ أَمْثَالِ “سَمِيِر إِبْرَاهِيم خَلِيِل حَسَن”، الَّذِى قَالَ بِجَهْلِهِ أَنَّ الفِعْلَ “رَأَىَ” هُوَ مِنْ أَفْعَالِ القَلْبِ لاَ العَيْنِ.

كَذَلِكَ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَهَا:

فَلَمَّا رَءَا ٱلْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـٰذَا رَبِّى ۖ فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبِّى لَأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّآلِّينَ ﴿٧٧﴾الأَنْعَام.

نَجِدُ أَنَّ الرُّؤْيَةَ هُنَا كَانَت بِالعَيْنِ أَيْضًا، وَارْتَبَطَت بِالبُزُوغِ، وَانْتَهَت بِالأُفُولِ، وَكُلُّهُ مُتَعَلَّقُ الرُّؤْيَةِ العَيْنِيَّةِ، وَكُلُّنَا نَرَى القَمَرَ بِأَعْيُنِنَا بِلاَ احْتِيَاجٍ لِجِدَالٍ، أَوْ شَرْحٍ.

وَكَذَلِكَ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَهَا:

فَلَمَّا رَءَا ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّى هَـٰذَآ أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يَـٰقَوْمِ إِنِّى بَرِىٓءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴿٧٨﴾الأَنْعَام.

كَذَلِكَ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ هُودٍ وَاصِفًا رُؤْيَةِ إِبْرَاهِيِم عَلَيْهِ السَّلاَمِ بِعَيْنَيْهِ لأَيْدِى المَلاَئِكَةِ بِعَيْنَيْهِ، وَهِىَ لاَ تَصِلُ إِلَى العِجْلِ لِتَأخُذَ مِنْهُ:

فَلَمَّا رَءَآ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۚ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍۢ ﴿٧٠﴾هُود.

كَذَلِكَ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَهَا عَنْ مَشْهَدٍ مِنْ مَشَاهِدِ يَوْمِ القِيَامَةِ:

وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍۢ مُّقَرَّنِينَ فِى ٱلْأَصْفَادِ ﴿٤٩﴾إِبْرَاهِيِم.

وَفِى قَوْلِهِ عَنِ الفُلْكِ وَهِى تُرَى بِالعَيْنِ تَمْخَرُ فِى البَحْرِ:

وَهُوَ ٱلَّذِى سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِۦ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿١٤﴾” النَّحْل.

وَفِى قَوْلِهِ عَنِ رُؤْيَةِ الشَّاهِدِ مِنْ أَهْلِ امْرَأَةِ العَزِيِزِ بِعَيْنَيْهِ لِقَمِيِصِ يُوسُف:

فَلَمَّا رَءَا قَمِيصَهُۥ قُدَّ مِن دُبُرٍۢ قَالَ إِنَّهُۥ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴿٢٨﴾يُوسُف.

وَفِى قَوْلِهِ عَنِ رُؤْيَةِ المُشْرِكِيِنَ بِأَعْيُنِهِم لِشُرَكَائِهِم الَّذِيِنَ كَانُوا يَدْعُونَهُم:

وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَآءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِن دُونِكَ ۖ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَـٰذِبُونَ ﴿٨٦﴾النَّحْل.

وَفِى قَوْلِهِ عَنِ رُؤْيَةِ المُجْرِمِيِنَ لِلنَّارِ بِأَعْيُنِهِم:

وَرَءَا ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوٓا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ﴿٥٣﴾الكَهْف.

وَفِى قَوْلِهِ عَنِ رُؤْيَةِ مُوسَى بِعَيْنَيْهِ لِلنَّارِ بِالوَادِى:

وَهَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ ﴿٩﴾ إِذْ رَءَا نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ ٱمْكُثُوٓا إِنِّىٓ ءَانَسْتُ نَارًا لَّعَلِّىٓ ءَاتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى ﴿١٠﴾طَه.

وَفِى قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ رُؤْيَةِ سُلَيْمَانَ بِعَيْنَيْهِ لِلعَرْشِ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ:

قَالَ ٱلَّذِى عِندَهُۥ عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَـٰبِ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّى لِيَبْلُوَنِىٓ ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ…﴿٤٠﴾النَّمْل.

وَفِى قَوْلِهِ تَعَالَى عَنِ الرِّيِحِ الَّتِى عُذِّبَ بِهَا قَوْمَ عَادٍ:

فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِۦ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٢٤﴾ تُدَمِّرُ كُلَّ شَىْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَىٰٓ إِلَّا مَسَـٰكِنُهُمْ ۚ كَذَ‌ٰلِكَ نَجْزِى ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴿٢٥﴾الأَحْقَاف.

نَجِدُ أَنَّ مَسَاكِنَهُم بَقِيَت بِحَيْثُ تُرَى بِالعَيْنِ، عِبْرَةً لِمَنْ يَرَى فَيَفْقَهَ.

وَفِى قَوْلِهِ تَعَالَى عَنِ الكِسْفِ يَسْقُطُ مِنَ السَّمَآءِ:

وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ ﴿٤٤﴾الطُّور.

وَكَذَلِكَ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى عَنِ خُرُوجِ يُوسُفَ عَلَى النِّسْوَةِ فَرَأَيْنَهُ بِأَعْيُنِهِنَّ، فَأَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ:

فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَـًٔا وَءَاتَتْ كُلَّ وَ‌ٰحِدَةٍۢ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُۥٓ أَكْبَرْنَهُۥ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَـٰشَ لِلَّهِ مَا هَـٰذَا بَشَرًا إِنْ هَـٰذَآ إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴿٣١﴾يُوسُف.

وَكَذَلِكَ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى عَنِ الرُّؤْيَةِ رَأَىَ العَيْنِ:

قَدْ كَانَ لَكُمْ ءَايَةٌۭ فِى فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا ۖ فِئَةٌۭ تُقَـٰتِلُ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌۭ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْىَ ٱلْعَيْنِ ۚ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِۦ مَن يَشَآءُ ۗ إِنَّ فِى ذَ‌ٰلِكَ لَعِبْرَةًۭ لِّأُو۟لِى ٱلْأَبْصَـٰرِ ﴿١٣﴾ءَالَ عِمْرَان.

.

وَالأَيَاتُ غَيْرَ ذَلِكَ كَثِيِرَةً، وَكُلُّهَا تُسَاهِمُ فِى تَرْسِيِخِ مَعْنَى الفِعْلِ “يَرَى”، عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَفْعَالِ العَيْنِ، كَمَا هُوَ مِنْ أَفْعَالِ القَلْبِ. فَالعَيْنُ تَرَى، وَالقَلْبُ مِثْلُهَا يَرَى هُوَ الأَخَرُ، كُلٌّ بِحَسَبِ خِلْقَتِهِ؛ فَالعَيْنُ تَرَى الصُّوَرَ، وَالقَلْبُ يَرَىَ الحُكْمَ عَلَيْهَا، وَالَّذِى يُحَدِّدُ المَعْنَى لِلكَلِمَةِ هُوَ السِّيَاقُ الأَتِيَة الكَلِمَةُ فِيِهِ.

.

وَالطَّرِيِقَةُ الصَّوَابُ لِدِرَاسَةِ القُرْءَانِ تَقُومُ عَلَى الأَمْرِ الرَّبَّانِىِّ: “وَرَتِّلِ ٱلْقُرْءَانَ تَرْتِيلًا“.

 

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x